عسلامة – توزر
تزداد قضيّة الكاتب العام لبلديّة توزر تعقيدا، وذلك على إثر خلاف جدّ بينه وبين كلّ من رئيس النيابة الخصوصية ونائبه منذ ما يزيد عن الشهرين، ويعود سبب هذا الخلاف حسب ما يروّج في أوساط المجمع المدنيّ إلى ملفات فساد استطاع رئيس النيابة الخصوصية ونائبه الوصول إليها ويبدو أنّها من الملفات الثقيلة في وزنها خصوصا أنّها خرجت من الرفوف المنسيّة في أروقة البلديّة إلى مكتب وكيل الجمهوريّة.
وبقطع النّظر عن مدى تورط الكاتب العام من عدمه في تلك الملفات يظلّ ردّ فعله مثيرا للجدل ومدعاة لطرح عديد الأسئلة خصوصا إذا علمنا أنّ هذا الأخير قد سخّر كل طاقاته لمحاولة إبعاد وإقالة كلّ من الرئيس ونائبه عن طريق تجييش عمّال مستودع البلدية الذين حضروا معا وفي وقت واحد للمطالبة بزيادة كمّيّة علب الحليب التي جرت العادة أن تمنحهم إيّاها البلدية بمعدّل شهريّ معيّن والغريب في الأمر أنّ بعض الإداريين طالبوا هم أيضا بحقّهم في علب الحليب، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ بل وصل إلى تعمّد سائقي البلديّة إغلاق الشارع ومدخل كلّ من مقر ولاية توزر ومبنى البلدية بشاحنات وسيارات وآليات المستودع البلدي رغم استجابة النيابة الخصوصية لمطلبهم.
ممّا دفع الأهالي إلى الوقوف أمام مقر البلدية مندّدين بصمت سلطة الإشراف تجاه غلق المرافق العامة ومطالبين بإعادة رئيس النيابة الخصوصيّة وأعضائها في تجمّع حاشد رافقهم إلى مقرّ مكتب رئيس النيابة الذي تفاجأ بتغيير أقفال باب مكتبه من طرف الكاتب العام وقد رفض هذا الأخير تسليم المفاتيح وعلى إثر ذلك تنقّل عدد من ممثلي مكونات المجتمع المدني إلى مقر منطقة الشرطة وقد استقبلهم رئيس المنطقة في مكتبه ووعدهم بالتدخل ودّيا لحل الأزمة.
تطورات خطيرة
وفي اليوم الموالي تطورت الأمور بطريقة غير متوقعة فقد عمد الكاتب العام إلى إغلاق البلديّة ممّا عطل مصالح الأهالي ودفع عددا منهم إلى تقديم شكوى قضائية لدى وكيل الجمهوريّة ضدّ المتسبّب في غلقها.
وبعيدا عن علاقة ما حدث بقرار تغيير رئيس منطقة الشرطة بعد يومين من حدث الغلق توالت الاتصالات بوالي توزر من طرف أعضاء النيابة وعدد من مكونات المجتمع المدني بالجريد للضغط على الكاتب العام إلاّ أنّ الأزمة لم تجد إلى حدّ هذه اللحظة طريقها إلى الحل وظلّ رئيس النيابة وأعضاؤها مبعدين عن البلدية ومهددين بالطرد من بعض العملة كلّما اتجهوا إلى مكاتبهم، وبين ضغوط المجتمع المدني ومحدودية قدرة السلط المختصة على التأثير في مجريات الأمور فضلا عن أوراق الضغط التي هي بيد الكاتب العام وعلى رأسها إغراق المدينة السياحيّة بالأوساخ والامتناع عن جمعها تظلّ مصلحة المواطن هي آخر هموم هذا الكاتب العام ويبقى السرّ كامنا في الملفات أو “الصندوق الأسود” الذي توصلت إليه النيابة الخصوصيّة وقدمته إلى وكيل الجمهوريّة.
ويظلّ السؤال قائما: إلى أين ستؤدي سياسة الهروب إلى الأمام التي ينتهجها الكاتب العام الذي يعمد في كلّ مرّة إلى التصعيد والتعنّت؟ وما نهاية مهزلة الكر والفرّ والفعل وردّ الفعل بين طرف متمثّل في الكاتب العام وبعض مساعديه من جهة وبين رئيس النيابة الخصوصية وأعضائها ورئيس المنطقة ووالي توزر والمجتمع المدني وبقية عمّال البلدية الرافضين لواقع الأمر من جهة أخرى؟
يحدث هذا في مدينة توزر، ونتساءل ما الذي تنتظره السلط المعنيّة للحسم في الأمر؟ وإلى أي مدى ستلتزم الحشود بالسلميّة في تحركاتها لإعادة النيابة الخصوصيّة إلى موقعها الطبيعي بمبنى بلدية توزر؟
الجريدي