بقلم: الشاعرة والروائية خيرة خلف الله
عندما أتأمّل الزّخم المحبّر و المرصّف على رفوف المكتبات ينتابني شعور مرير لما أعانيه شخصيّا وما أقرؤه في عيون أصدقائي الكتّاب أولائك الذين يحرقهم الضوء فيقصف أجنحة أحلامهم ولا يشملهم بالرعاية والاعتراف ،فينهب الغبار زبدة مادسّوا الكرّاس من وجع مخطوط بدمائهم ومعاناتهم وأنفتهم ولا يجدون من يرشدهم أو يوليهم العناية ليصلوا دور النشر سالمين والتي عادة تستحوذ على الباقي من عزمهم إن استطاعوا إليها سبيلا.
لا قيمة للكتاب ما لم يصغ لبني جلدته وعشّاقه ومريديه
لا قيمة لكتاب يفد علينا من وراء البحار والبراري والأصقاع ليضّيق علينا مساحة تنفّس ضيّقة بطبعها، دون أن يكلّف نفسه عناء استنشاق ما نعيش ومعايشته ، والتّأقلم مع مناخاتنا المتقلّبة على الدّوام…
لا قيمة لكتاب لم يتناه إلى أسماعه بعد علم بالثورة …بل على العكس من ذلك مازال في حاجة لثورة ترجّه من الدّاخل كي يستوعب وجعنا، ويشعر بحجم المعاناة التي نخوض في سبيل كسب ودّه ، لجعله لسانا عنا ناطقا، وحمّال رسالتنا الشاكية
نحن المريدون الذين طالما طوّحت بنا الظّروف وقهرتنا حتّى نحصل على كتاب إعارة …نجد أنفسنا في علاقة شبه ميّتة بالكتاب، الذي من المفروض أن يحملنا وهنا على وهن ويرضعنا ثدي العلوم في إحساس أمّ عطوف
هذا الكتاب الذي من المفروض أن يتشرّب حكمة الغابرين وصبر المناضلين وعزم المصرّين
فإذا بنا نلفي أنفسنا غرباء على بابه، يكاد لا يصلنا منه غير ضجيج الأسعار المشتعلة لثمن نسخة ضرورية منه لتلميذ منّا يتطلّع لمستقبل يمجّد ما تزوّد مما حوت دفّتيه
نحن عشاق الحرف الممنوع وال، واصلون الانفصال مع المكتوب
نحن المطالبون بالكتاب… نحن أمّة ا قرأ لا يجيد المتميز منّا لغتين بالإضافة إلى اللغة الأمّ لتردّي علاقتنا بالكتاب
ألوم الكتاب لأنّ الساهرين على الكتاب لا يفقهون طبيعة علاقتنا بالكتاب، وهاهم يتمادون في غيّهم ، يتجاهلوننا في مناسبة الكتاب
أين المثّقف في تظاهرة الكتاب ؟؟
ماذا عن طبيعة علاقة المثقف بالكتاب ؟؟
هل وجّهتم الدعوات لمثقفي الكتاب ؟؟؟
هل قمتم بأدنى مجهود لاستقطاب ” أمّة الكتاب ” ؟
أنموت و يحيا الكتاب ؟
هل فكرّتم في كاتب أفناه الكتاب؟
في كاتب يحاول أن يكتب جملة تليق بكتاب؟
في كاتب مهمّش في أقصى الصّحراء يحلم بكتاب ؟
لذلك اخترنا أن نوقظكم ونجعل اعترافكم بنا يوم الكتاب عنوان انتمائنا لوطن شعاره الكتاب
ماذا لو لم تنزل أولى كلمات الذكر الحكيم بلازمة من لوازم الكتاب “اقرأ”
ماذا لو سكت العظيم المتنبي ولم يقل بيته الشّهير :
أعزُّ مكانٍ في الدُّنى سرجُ سابحٍ
وخير جليس في الزّمان كتاب
أو تجاوز أسطورة الأدب العالمي اللاتيني ماركيز هذا السّطر من عزلته و تعمّد إسقاطه :
” من العيب أن نسير في العربة الأولى من القطار بينما نرمي الأدب في عربة شحن البضائع “
فعن أيّ كتاب سنتحدّث وبأيّ كتاب تحتفلون
لذلك سنعلنها بأعلى الصّوت وفي الشوارع و الفضاءات
نحن من يجب أن نُكَرَّم يوم الكتاب
نحن من يجب أن يفتح لنا الكتاب ذراعيه ويحتضننا
نحن من في حاجة إلى أن يكتب الكتاب
دماؤنا مداده وأفكارنا شعلته
نحن الكتاب أيها الساهرون على الكتاب
فأنصفوا شغفنا يوم الكتاب
و اصغوا إلينا
امنحونا متسعا من برامجكم
وفقرة ضمن تظاهرتكم
وتعالوا نتقاسم هموم المثقف والكتاب…
————–
المطوية – قابس