شكري الباصومي
من الشعر بدأ……
صدح باشعاره مطربون…..
العامية السودانية كانت مرحلة تلتها الفصحى….
واحتمى بعدها بالرواية….
الرواية لم تفطمه عن الشعر….الذي ظل مبثوثا هنا وهناك
في رواياته التي بدت وكأنها قدر مقدر عليه….بل ” جرثومة اصابته ” ….
ولم يشف منها على حد تعبيره….
ربع قرن من الكتابة…روايات تتلاحق في مواعيد غير منتظمة تارة وحولية مرات اخرى….
*********
المواعيد لا تهم ولا تواتر انتاج الروايات انما كل الهم في ” البيضة التي تتحول الى يرقة وهي مخلوق دقيق ثم الى شرنقة داخل غشاء ثم يخرج من الغشاء لتصبح حشرة كاملة.” “
هكذا جاء في رواية ” صائد اليرقات “…وهكذا نصح الروائي المخبر فرفار او عبد الله حرفوش الذي تجرا على الرواية وعالمها.
فرفار لم يكن الكائن الوحيد من كائنات امير تاج السرالتي ابدعهاثم تخلى عنهامثل علي جرجار في ” العطر الفرنسي “.
وكم هو مر اهمال العيال اليس تخلي المبدع عن كائناته التي ابتدعها وتركها تواجه مصيره بمثابة اهمال العيال ؟
*********
النار عند أمير تزغرد…وللقبطي توترات …والعطر الفرنسي يتضوع مسكا لم تحجبه” رعشات الجنوب “….” إيبولا ” يتحالف مع “عواء المهاجر” و “زحف النمل “….
*********
“احزانه الكبيرة ” بدأت شعراثم انهمرت رواية.
كان الشعر بما رحب أصغر من ان يحتوي مكامن الدهشة لديه فاستجار بالرواية كي يينع من خلال واحاتها السحر العربي الافريقي في ابهى تجلياته اساطير وعجائب….
وتراثا قبليا…..
امير وتاج وسر…وواقعية وصفت ب ” السحرية “….
**********
أوهم انه خارج الايديولوجيا….راوغ كل السلط حين رفع راية تبدو لا لون لها معلنا ان الروائي ليس من دوره اعلان الحرب على السلطة القائمة الا اذا كانت غاشمة…..
وهل هناك سلطة لا يتبعها الوصف الغشوم ؟
يوحي بالمهادنة…. لكنه في تفاصيل رواياته يشنع بالانفصال ويعري اكاذيب دعاة الانسانية ويعلن الحرب على الرشوة وصناع الاشاعات مدفوعة الاجرويهاجم الاكراه في الدين باسلوب ناعم وساخر.
اليس ذلك شكلا من اشكال العصيان الادبي ؟؟
************
الطبيب المختص في الامراض الباطنية لم يحمل وطنه في حقيبة…. وهو يمارس عمله في قطر……..
الوطن اكبر من ان تسعه حقيبة….
لم يكن واحدا ممن اطلق عليهم احد النقاد رموز” الدياسبورا السودانية” . وصفة “مغترب ” لا تعنيه…….
ومنفاه الاختياري الذي امتد على عقدين كفر بالحدود والجغرافيا …..
كان السودان روحا وهاجة ترفرف وتهفو لارض لا شمال لها ولا جنوب …….
هل نسي الذين استهواهم الحديث عن الدياسبورا ان الطيب صالح قضى ازهى فتراته الابداعية خارج السودان وفي لندن تحديدا……
**************
خاله الطيب صالح….والخال كما يقول المثل العامي عندنا.”….. لا يرث ولا يورث….” ولا داعي لذكر البغل ولا عرسه…..
استحق الامير تاجه واحتفظ بسر كتابته دون أي تدخل من أي كان…. موهبته اعفته من استغلال مقام خاله الادبي….
لم يعمر هذا المقام تركه خاليا……ولم يلهث وراء الجوائز رغم اقترابه من صيد ” البوكر.”…..
هل كان امير تاج السر وهو يرهن ساعته الثمينة من اجل ان تصدر روايته وتخرج من المطبعة انه بصدد اعلان قدومه دون توصية من احد….؟
لم يبحث عن ذاته في المرآة بل نزل الى الشارع حتى اكتشف نفسه في وجوه العابرين……
*****************
ساخر هو وسارد سعيد بقلة الحوارات في روايته……هذه الحوارات التي طالما شكلت صداعا للروائيين….
أي حوارات نريد ؟
وكيف نضع العبارات على افواه الشخصيات التي نستنطقها ؟
وهل نعتمد الدارجة ام الفصحى ؟وهل يجوز ان يتفصح العامة في الحوارات ؟
****************
لم يسرف امير تاج السر في تتبع التفاصيل الشبقية رغم المناخات التي كانت مهيأة كي يفتق مواهبه في وصف التضاريس ويولج قلمه في مكامن اللذة…..
لماذا تعفف الرجل ؟
وهل هو الرقيب الداخلي ام هي البيئة المحافظة ؟ ام هو الايمان بان الاسراف في ثلاثية الجنس والدين والسياسة موضة عابرة تحدث جعجعة
وتبقى يرقة يطارردها ” الفرفارون ” دون ات تتطور الى حشرة.