تونس ـ وكالات
اجتمع الثلاثاء الرباعي الراعي للحوار الوطني لإيجاد منهجية لإنجاح الحوار قبل اربعة أيام من انتهاء الأجل الذي حدّده الأمين العام للإتحاد التونسي للشغل حسين العباسي، فيما تتواصل الاتهامات بين الفرقاء السياسيين حول مسؤولية افشال الحوار حول الخروج من الازمة السياسية قبل بداية السنة الجديدة.
وقالت المنظمات الراعية للحوار في بيان لها الثلاثاء إنها ‘تواصل مجهوداتها مع مختلف الأطراف بهدف إيجاد توافق حول الشخصية التي ستضطلع برئاسة الحكومة المقبلة، والرجوع عن التعديلات التي أدخلت على النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي.
وأبدى العباسي الامين العام لتحاد العم التونسي للشغل (المركزية النقابية) “تفاؤله بتجاوز المواضيع الشائكة والقضايا المطروحة والوصول إلى توافقات تضمن للحوار الوطني النجاح”.
ياتي هذا الاصرار في وقتاتهمت فيه الجبهة الشعبية التي تمثل أحزاب اليسار المعارض في تونس الثلاثاء الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة الاسلامية بـ”المناورة” داخل الحوار الوطني بهدف البقاء في الحكم.
وقال حمة الهمامي الناطق باسم الجبهة الشعبية، خلال مؤتمر صحفي، إن الائتلاف الحاكم الذي تمثله حركة النهضة الاسلامية وحزب التكتل من أجل العمل والحريات دخل الحوار الوطني بهدف البقاء في الحكم وليس لإيجاد حل للأزمة السياسية.
وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية هو الوحيد وسط الائتلاف الحاكم الذي قاطع الحوار الوطني منذ انطلاقه احتجاجا على بنود خارطة الطريق لكنه أعلن مؤخرا عن انضمامه للمشاورات بهدف الدفع نحو ايجاد توافق.
وعلق الحوار الوطني في تونس منذ الرابع من شهر تشرين ثان/ نوفمبر بعد شهر من المفاوضات المباشرة بين الفرقاء السياسيين بسبب الفشل في التوافق حول رئيس حكومة الكفاءات الجديدة التي تطالب بها المعارضة.
وقال حمة الهمامي “كيف يمكن انجاح الحوار الوطني بينما التعيينات تلو الأخرى في الإدارة مستمرة الى جانب إصدار قوانين جديدة مثل قانون الأوقاف وتنظيم المساجد، هم يريدون تدمير حضارة مجتمع ومكاسبه وتغيير الواقع مثل كل الأنظمة الاستبدادية والفاشية”.
وأوضح الهمامي انه حتى في حال ما تم التوصل الى اتفاق بشأن رئيس الحكومة قبل نهاية المهلة السبت فإن ذلك “سيكون فقط بداية الخروج من النفق لأن لا شيء يمنع من الاستمرار في اختلاق المشاكل من قبل من يريد البقاء في الحكم”.
وأضاف أن “الائتلاف الحاكم يريد تحديد طبيعة الحكومة ومهامها ، حركة النهضة تطالب بحكومة انتخابات بينما نحن نطالب بحكومة كاملة الصلاحيات”.
واقتربت الأحزاب السياسية الأسبوع الماضي من التوافق حول جلول عياد وزير المالية في حكومة رئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي لكن الجبهة الشعبية رفضته لارتباطه بدوائر مالية عالمية ووجود شبهة فساد من حوله.
وأيدت الجبهة في المقابل ترشيح العميد السابق للمحامين شوقي الطبيب.
وقال حمة الهمامي “أكثر من نصف الأحزاب رفضت جلول عياد من بينها قوى سياسية كبرى وأخرى في السلطة”.
وأضاف “قررنا بذل كل الجهد للوصول الى حل قبل يوم السبت، لكن سنتوقف عن ترشيح أي اسم وسنلتزم بمضمون مبادرة الرباعي بشأن الحكومة القادمة، أي التحقيق في الاغتيالات ومراجعة التعيينات وتحييد المساجد وتأسيس أمن جمهوري وقضاء مستقل ومواجهة الانهيار الاقتصادي وغلاء المعيشة”.
بالمقابل تحمل حركة “النهّضة” الإسلامية الحاكمة “ائتلاف الجبهة الشعبية” مسؤولية فشل الحوار الوطني.
وقال المتحدث الرسمي باسم حركة النهضة، زياد الأعذاري “إن أهم القوى السياسية ‘من الائتلاف الحاكم والمعارضة’ قد وافقت على ترشيح جلّول عيّاد ‘وزير مالية سابق’ لرئاسة الحكومة، قبل أن يرفض ذلك ائتلاف الجبهة الشعبية”.
وأضاف أن الجبهة الشعبية برفضها عيّاد “عطّلت مسار الحوار الوطني”، مبيٌناً أن باقي معظم القوى السياسية وافقت على ترشيح عيّاد.
كذلك لفت العذاري إلى أن ‘النهضة’ لم ترشّح عيّاد، ووافقت عليه في ” إطار انفتاح النهضة” من أجل انجاح الحوار الوطني.
وأشار إلى أن بعض القوى السياسية (الجبهة الشعبية) لم تتفاعل بالشكل المطلوب مع “انفتاح النهضة” و”التنازلات التي تقدّمها من أجل انجاح الحوار الوطني”.
ويرى متابعون للشان السياسي ان النهضة لا ترشح رئيسا للحكومة لكنها بعد ذلك تتمسك باحد الاسماء ما اعتبره بعضهم مناورة مخطط لها لتظهر في موقع الساعي لانجاح الحوار.
وتابع العذاري أن حزبه قدم “تنازلات وكل ما يلزم من أجل انجاح الحوار الوطني”، مضيفاً “على باقي القوى السياسية التقدّم إلى منطقة الوسط من أجل انجاح الحوار الوطني”.
في المقابل، رأى القيادي في حزب المسار الديموقراطي سمير بالطّيب، إن الرباعي الراعي للحوار الوطني “كان متساهلاً” مع القوى السياسية ولم يضغط على نحو كاف لخلق توافقات جدّية.
وأضاف بالطيّب إن على الرباعي “فرض آليات حاسمة ومنهجية جديدة في المفاوضات”، خلال الأيّام المقبلة على كل القوى السياسية من أجل التوصّل إلى توافق حول اسم يتولى تأليف حكومة جديدة من الكفاءات والمستقلين، تخلف حكومة علي العريض الحالية.
ولفت في السيّاق نفسه إلى أن حزب المسار يقترح أن يفرض الرباعي إسمين تقوم الأحزاب بالاختيار بينهما بصفة نهائية ضمن المهلة الجديدة للمفاوضات.
وقال شوقي الطبيب احد المرشحين لرئاسة الحكومة في حوار تلفزي على قناة “نسمة” الخاصة ان تعيين رئيس حكومة لا يعني الخروج النهائي من الازمة اذ ان التجاذبات الموجودة داخل المجلس التاسيسي يمكن ان تعصف مجددا باي اتفاق داخل الحوار الوطني.
ويرى محللون ان الازمة في تونس لن تنتهي سريعا خاصة وان عناد الاطراف السياسية يتواصل حتى اصبح الامر شبيها بالتجاذبات بين الاحزاب بعيدا عن مصلحة تونس التي تمر بازمة اقتصادية ومخاطر امنية تستدعي الاتفاق بدل الاختلاف.